حوار مع فادي عزام المرشح في القائمة الطويلة

14/02/2018

متى بدأت كتابة رواية"بيت حُدُد" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأت العمل على المشروع منذ 2012، لا أؤمن بوجود الإلهام في الكتابة النثرية، وإن كان موجوداً فأنا لا أعرف كيف يعمل. ولكن بخصوص تجربتي في كتابة بيت حُدُد، فهي عمل شاق ومرهق وجاد تتخلله تلك الغبطة السرية التي يمكن أن أقول عنها وثارة الكتابة قبل النشر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

عمليا يمكن أن أقول: إنّ الصورة الأولى أو المشهد الأول الذي بدأت به الرواية كان في عام 2012 في دبي حيث كنت أعيش ل 13 عاما، قمت بقراءة وأرشفة والعمل على مجموعة كبيرة من الأبحاث وخاصة في الطب والتاريخ والجريمة، بالإضافة إلى المتابعة اليومية لأرض متحولة وقلقلة هي أرض الرواية نفسها.

فلا توجد معلومة بدون مرجعية وبعدها يبدأ التخيل ببناء عالمه متبادلا مع الواقع الأدوار. حينها  تطورت الأحداث بشكلٍ متوازِ، ظهرت مقاطع كثيرة من الرواية لم أكن أعرف أين سيكون موقعها أو ماذا تعني فقط يقودني حدس ما وراء سراب فكرة غارقة في الضباب مع تقدم الكتابة تتضح الرؤية أكثر، تغيرت كثيرا خطوط العمل، وأسماء الشخصيات خلال ثلاثة أعوام من العمل في دبي لكن لم أتفرغ بشكل جدي لها حتى جئت إلى بريطانيا.

حيث عملت بتفرغ وبمعدل 14-16 ساعة باليوم فتعرضت الرواية لمحنة لم تكن في الحسبان، ففي مدينة ميديلزبره في الشمال، بينما كنت ذاهباً إلى المكتبة في الحي لأعيد بعض الكتب المستعارة وأستعير بدلاً عنها، استغرق مشواري 15 دقيقة من الوقت لاغير لأجد عند عودتي أن لصوصاً دخلوا من النافذة وسرقوا جهاز الكومبيوتر مع هاتفي المحمول.

كنت قد وصلت إلى الفصل 27، واكتشفت أني لم أحفظ على الإيميل سوى 14 فصلاً فقط.

توقفت فعلا عن العمل إحساس مؤلم وصعب لم أعد أستطيع الكتابة في المدينة ولا حتى النوم فيها ولم أستطيع استعادة زخم تلك الفصول الضائعة. غادرتها إلى لندن وأقمت في كيلبورن بغرفة مدهشة، متفرغا من جديد. عوضت ما فات قدر الإمكان بعمل كان يستمر أحياناً أكثر من 16 ساعة. أعمل خمسة أيام بالكتابة ويومين من أجل لقمة العيش لمدة سنة تقريباً حتى تمت، لأجد أنها تتجاوز الألف صفحة.

أعدت كتابة العمل ما يزيد عن تسع مرات حتى خرج بهذه الصورة.

والطريف أن الصورة الأولى، التي كانت نواةً لكتابة هذا العمل، لم تعد موجودة أبداً في الرواية كما هي الآن بين يدي القراء.

كيف استقبلها القراء والنقاد؟

مع الشكر لكل من انتبه وقرأ بيت حدد، واعتبره عملاً مختلفاً يستحق الالتفات، فإن الوسط النقدي والصحفي بشكل عام قابلها بعدم اهتمام!

لكن تحسن الأمر فجأة بعد وصولها إلى القائمة الطويلة، وهذه واحدة من أهم وجوه البوكر

ولكن بعض القراءات العامة التي وصلتني، كانت مدهشة بقسوتها وقوتها وعمقها أكثر من بعض المقالات النقدية في صحف مرموقة.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

أعمل على رواية تدخل فيها الموسيقى كعنصرٍ أساسيٍ، عمل لن أخاف من أي شيء ولن أحسب أي حساب حين أنشره طبعا أمنية أتمنى تحقيقها.  ولكن حين تكون سوريّاً هذه الأيام فليس لديك ترف العمل خارج ألم الجغرافيا التي نُحسب عليها.

فكيف لي وأنا أجد إسمي في القائمة الطويلة بجوار سوريا إلّا أن أكتب لهذه الجريحة المتكبرة المؤلمة الحنونة سوريا. لا يوجد مشروع أدبي خاص لي، على الأقل ما دام الدم السوري يُهدر بهذا الكثافة. لا أملك هذا الترف.

 نحن ما زالنا في اللحظة الحارّة من التاريخ، في هذه اللحظة تجربة مذهلة أن نحاول تقديم جانبٍ ما، ليشاركنا به الآخرون. نقدم لهم تجربتنا مع الموت والصراع والثورة، علّهم ينتبهون، أمام الحقيقة التاريخية والحقيقة الدرامية فسيبقى سؤال من هو الأهم بينهما مطروحاً!

إنه السؤال الأصعب لصاحب أي مشروع.

لذلك بكل بساطة، لا يوجد لدي مشروع أدبي حتى الآن.