حوار مع عائشة إبراهيم المرشحة في القائمة الطويلة

03/02/2020

متى بدأت كتابة رواية "حرب الغزالة" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

في شهر يونيو من العام 2018، كتبت أول صفحاتها، أما الإلهام لها، فقد كنت أجمع معلومات عن الفن الصخري في ليبيا لمخطوط كتاب أعمل على إعداده حول تاريخ الفنون في ليبيا، حين شدت انتباهي روائع اللوحات المرسومة على جدران الكهوف في جبال الأكاكوس جنوب ليبيا، ويتجاوز عمرها عشرة آلاف عام، اللوحات تكشف عن أقوام مغرمين بالجمال والأناقة، يسرحون شعورهم بطرق مبتكرة، ويرتدون ثياباً محاكة بعناية، يعزفون الموسيقى ويرقصون رافعي الأيدي إلى الأعلى في حالة من التضرع والرجاء، يؤمنون بالبعث ويحنطون موتاهم استعدادا لحياة الآخرة، كنت أتأمل لوحة لامرأة مكتنزة القوام، تقيس ثوباً بمساعدة حائكتين (اخترتها صورة لغلاف الرواية) وقد تكررت صورة تلك المرأة بذات الثوب والبُنية الجسدية فظهرت في لوحة أخرى وهي تجلس جلسة ملكية في مكان مرتفع قليلاً وينحني رجل عند قدميها، كما تكررت صور الغزالة الرشيقة، وقطعان الماشية والمعارك وحلقات التعبد والرقص. قرأتُ التاريخ الكرونولوجي لمنطقة الصحراء الليبية وقد كانت في زمن الرواية تشهد عصرها المطير قبل التحولات المناخية الكبرى. وقرأت ما يوافق ذلك في تاريخ الأديان والانثربولوجيا وتتبعت ما دونه الباحث الفرنسي هنري لوت، في كتابه (لوحات تاسيلي) حول لوحات كهوف الصحراء الكبرى قبل التاريخ، ثم كتاب فابرييز موري (الفن الصخري في ليبيا) الذي نشر فيه نتائج أبحاثه حول لوحات الأكاكوس واكتشافه لمومياء طفل الموهيجاج (صورتها في الصفحة الأخيرة من الرواية)، كانوا قوما مجهولين، سبقوا عصر معرفة الإنسان للكتابة، لكنهم أرادوا أن يقولوا شيئاً، أن يبثوا رسائل إلينا عن طريق آلاف المشاهد، شيء ما أصبح يشدني إلى تلك اللوحات، بدت لي كأنها قصص تخبر عن نفسها، كأنها تستنجد بي لأنفض الغبار عنها، ومنها تشكل لي عالم تخييلي تداعت شخصياته من تلقاء نفسها لتتحدث عن ماضيها، عرفت حينئذ أنني لن استكمل مخطوط الكتاب، فقد سيطرت عليّ فكرة الرواية وأصبحت شديدة الإلحاح، كانت الغزالة الراقصة ترتع في عوالمها الموغلة في التاريخ وكانت الملكات والحائكات والمحاربون ومربو الأبقار وكل الشخصيات المرسومة على الصخور تتحرر من صخورها وتتجلى على الصفحات لتقول تلك الأشياء التي أراد أن يخبر عنها الأسلاف الغابرون، كأنه جاء اليوم الذي عليها أن تكشف فيه النقاب وتبوح بأسرار تلك الحضارة المجهولة. 

هل استغرقت كتابة الرواية مدة طويلة وأين كنت تقيمين عند إكمالها؟

كانت فقط خمسة أشهر، من يونيو إلى نوفمبر 2018 وأثناء كتابتها اندلعت إحدى الحروب في العاصمة طرابلس، واستمرت شهرا ونصف، كنت أكتب تحت أصوات القذائف، ثم أجبرتنا المعارك على النزوح إلى ضاحية أخرى من العاصمة، ومن أجواء الحرب اهتديت إلى العنوان (حرب الغزالة) كحالة من التناص اللفظي بين الغزالة بطلة الرواية وبين الحرب الدائرة في طرابلس التي يرمز إليها الليبيون أحياناً باسم (الغزالة) نسبة إلى تمثال الغزالة الشهير الذي كان يتوسط أحد ميادينها (ميدان الغزالة)، قبل أن يختفي من مكانه خلال العام 2014 ويُغيّب في المجهول. وقد كتبتُ جميع فصولها في طرابلس وفي ظروف سيئة بسبب القصف والانقطاع في الكهرباء، وكنت استغرق في كتابتها طوال الوقت لأتناسى حالة الرعب المحيطة بنا، وحين صدرت الرواية جاء أول تأويل للقراء بأنها تتحدث عن حرب طرابلس وعن غزالة طرابلس.

كيف استقبلها القراء والنقاد؟

قبل إرسال الرواية إلى النشر عرضتها على أصدقاء من كبار النقاد الذين أثق في موضوعية رأيهم، فرحبوا بها ترحيباً كبيراً، ثم قاموا بتقديمها في ندوة حوارية أقيمت للتعريف بها على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب في أثيليه القاهرة يناير 2019، تخللتها قراءات نقدية ونقاشات متعددة، وما أجده في المواقع الالكترونية والصحف والمجلات المحكمة من قراءات ودراسات نقدية متخصصة وأيضاً رسائل ماجستير ودكتوراه أعده احتفاءً كبيراً بالرواية، ويبقى الأهم والأجمل وهو تواصل القراء ومنشوراتهم ورسائلهم وهم يقولون "لم نستطع أن نتوقف عن قراءتها حتى وصلنا إلى الخاتمة"، وهناك من قالوا: "كنا نتمنى ألا نصل إلى الخاتمة".

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

انتهيت حالياً من إعداد مخطوط مجموعة قصصية بعنوان (العالم ينتهي في طرابلس)، وهي قيد الطبع وستكون انطلاقتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب في الدورة القادمة الـ (51) إضافة إلى الشروع في كتابة رواية جديدة لا أفضّل الإفصاح عنها حالياً لكونها مازالت في مراحلها الأولى.