حوار مع الكاتب خليل الرز المرشح في القائمة القصيرة

14/04/2020

نتحدث إلى الكاتب خليل الرز المرشح للقائمة القصيرة حول روايته الحي الروسي

أين كنت وقت الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان رد فعلك؟

كنت في المنزل، لكنني، بطبيعة الحال، لم أعلم بإعلانها بالمصادفة. لقد كنت مهتماً جداً بوصول روايتي إلى القائمة القصيرة. ولذلك كنت أنتظر إعلانها بصبرٍ نافد، وقد عرفت أسماء رواياتها الستّ لحظة الإعلان عنها. بالتأكيد سرّني كثيراً وجود روايتي بين هذه الروايات.

أسلوب كتابتك يمزج الفانتازيا بالواقع. مالذي جذبك لهذا النوع من الكتابة؟

هناك عوامل كثيرة تتدخل في تشكيل أسلوب الكاتب لن أكون طبعاً قادراً على الإحاطة بها، ولعل أهمها ثقافته وخبرته الحياتية وميوله الشخصية التي ولدت معه. لكنني، مع ذلك، أحرص على أن يكون، ما سمّيتِه أنت بالفانتازيا، ليس من النوع المستحيل في رواياتي، بمعنى أنني لا أتخلّى تماماً عن منطق الأشياء في الواقع حين أجلس إلى طاولة الكتابة. 

كيف تبني عالم الفانتازيا في الرواية؟ وكيف تتفادى الوقوع في فخ المباشرة أو في الألغاز؟

أحياناً يحدث في الواقع من الغرائب ما تعجز عنه أيّ مخيلة. أريد أن أقول أن الواقع نفسه يخرج أحياناً على قوانينه المألوفة، فما بالك بالرواية. الرواية تنشئ عالماً شرطياً وليس واقعياً، لكنه يستفيد من قوانين الواقع ويخرج عليها في الوقت نفسه. وخبرة المؤلف في موازنة هذه اللعبة الدقيقة تجنّبه الوقوع في الألغاز والمباشرة في آن. بعض الكتاب واقعيون أكثر من الواقع، ولذلك يقعون في المباشرة بسهولة واندفاع، فهؤلاء يعتبرون، غالباً، الكتابةَ سلاحاً، أعني وسيلةً لغايات أخرى خارج الكتابة. بالنسبة لي، لا أهدف إلى غير تأليف روايات ممتعة رشيقة ومعاصرة أياً كان موضوعها. 

اختيار الحيوانات له دلالة في ذهن القارئ العادي. فالكلب مثلاً مرتبط بالإخلاص بينما الزرافة ليس لها ارتباط محدّد، ربما لعدم شيوعها في واقعنا. هل لهذا السبب اخترتها لتكون إحدى الشخصيات الرئيسية في الرواية؟

كان في ذهني، منذ بداية كتابتي الرواية، تصوّر أوليّ شبه واضح عن المشهد الختامي، فكان يلزمني حيوان جميل يقود "مظاهرة" الحي الروسي إلى قلب العاصمة بعد دفن عصام. كان يمكن لِفَرَس أصيلة أن تقوم بذلك، لكنْ، لسببٍ لا أعرفه، خطرت بي الزرافة، فاخترتها دون تردّد. لعلّه كان اختياراً تشكيلياً محضاً في البداية، فضخامة الزرافة وجمال شكلها يخدمان مشهدية الخاتمة، وكذلك مقتلها في السطور الأخيرة في ساحة الأمويين، أكبر وأشهر ساحة في دمشق. ثم اكتشفت بعدئذ صحة خياري حين قرأت ما توفر لي من المعلومات عن حياة الزرافات باللغتين العربية والروسية والإفادة منها في متن السرد.

هل فاجأتك أي من القراءات النقدية لرواية "الحي الروسي"؟ كيف تحب لروايتك أن تُقرأ؟

في الصحافة لا تكون القراءات كلها احترافية. هناك من يكتفي بتلخيص اعتباطي لبعض مشاهد من الرواية مشفوعة ببعض الأحكام المستعملة الجاهزة، وهناك من يضيف إلى الرواية ما ليس فيها لكي تتناسب مع مواقفه السياسية مثلاً. لكنْ بالمقابل هناك قراءات جيدة ومتنوعة، كتبها كتاب ونقاد محترفون، ركّزت على مهارات السرد في "الحي الروسي" من زوايا نظر مختلفة، وهي قليلة بطبيعة الحال. قد يبدو ما أكتبه مختلفاً، إلى هذه الدرجة أو تلك، عن الذائقة المألوفة لدى القراء الدارجين. وأنا هنا لا أذمّ هذه الذائقة، فمن يروّجها لدى هؤلاء القراء، منذ عشرات السنين، دور نشر كبيرة وكتاب جيدون يتصدّرون المشهد الروائي العربي عادةً. من العبث طبعاً أن أحدّد مواصفات قارئي المثالي، لكنّ العارف بفنون أخرى، بالإضافة إلى فن الرواية، كالمسرح والسينما والفن التشكيلي والشعر(ليس بمعناه البلاغي طبعاً) سوف يجد ما يمتعه في "الحي الروسي" وفي تجربتي الروائية عموماً.

لماذا الحي الروسي-والشخصيات الروسية- في حين تخلو الرواية تقريباً من الإشارات السياسية؟

هل أنت متأكدة من خلوّ الرواية تقريباً من الإشارات السياسية؟ لا أصرّ عليها على كل حال، لأنها ليست الأهم في عمارة روايتي. الحي الروسي جزء من مكان روائي متخيل أعمل عليه منذ أربع روايات: "أين تقع صفد يا يوسف"، "بالتساوي"، "البدل"، ثم "الحي الروسي". ولعلي سوف أعود إليه في رواياتي القادمة، وقد لا أفعل. يجتمع في هذا المكان الروائي شوراع واقعية مُنتزَعة من مدن مختلفة عشت فيها. أما وجود الشخصيات الروسية في "الحي الروسي" فيعود إلى أن في جعبتي الواقعية الكثير من هذه الشخصيات، فقد عشت وعملت مع الروس ما يقرب من عشر سنوات في موسكو، كما كانت لدي علاقات طيبة، بعدئذ، مع بعض من كانوا يعيشون منهم في دمشق لهذا السبب أو ذاك.

من هم الكتاب الذين أثروا فيك كروائي؟

كثيرون هم الكتاب الذين تعلمت منهم كيف أكتب الرواية. من القرن التاسع عشر والقرن العشرين، بالإضافة إلى كتاب المسرح قبل ذلك وبعده، ومن أمم مختلفة. على سبيل المثال تورغينيف وتشيخوف وفلوبير وبروست وفيتزجيرالد وفوكنر وكونراد وكورتاثار وكونديرا وساراماغو.

ماهي الكتب التي تقرأها الآن؟ وهل تأثرت قراءتك بطول البقاء في المنزل المصاحب لأزمة كورونا؟

عثرت منذ مدة قصيرة على ترجمة جديدة لمغامرات توم سوير ومغامرات هكلبري فن لمارك توين. أكاد أنتهي اليوم من قراءة الأولى وسوف أبدأ بقراءة الرواية الثانية. لم يؤثر فيروس كورونا على قراءاتي أو على نشاطي اليومي، فأنا، من دونه، لا أخرج من المنزل إلا عند الضرورة.