حوار مع الكاتب سعيد خطيبي المرشح في القائمة القصيرة

14/04/2020

نستمع إلى الكاتب سعيد خطيبي المرشح للقائمة القصيرة حول روايته حطب سراييفو

أين كنت وقت الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان رد فعلك؟

كنت في عزاء والدي، في مدينة بوسعادة (جنوب الجزائر العاصمة). بعد ظهيرة ذلك اليوم، شغّلت الموبايل قصد الردّ على رسائل قصيرة، ووصلتني رسالة من ناشرتي تبلغني بالنّبأ. عشت لحظة مشحونة بالأحاسيس. وسعدت جداً أن وصلت رواية «حطب سراييفو» إلى القائمة القصيرة. عادت ذاكرتي لحظتها إلى الفترة التي كنت فيها منشغلاً بمسوّدتها، أكتب وأُعيد الكتابة بشغف ومتعة أيضاً. أظنّني قدّمت أفضل ما لديّ وقت كتابتها.

هل تختلف بالنسبة لك حالة الكتابة الصحافية عن الكتابة الأدبية؟ أم هي نفس الكتابة لكن عن موضوعات مختلفة؟

هناك تقليد أدبي عريق يبدو أنّه أخذ ينحسر شيئاً فشيئاً في زمننا المُعاصر، حيث كان جلّ الكتّاب يمرّون بالصّحافة. في الجزائر مثلاً، اشتغل الجيل الأوّل من الرّوائيين في الصّحافة، من محمد ديب وكاتب ياسين إلى الطّاهر وطّار وغيرهم. فالصّحافة كما هو معروف تتّكل كثيراً على الكتّاب. الصّحافة المكتوبة والأدب أمران مختلفان لكنهما متجاوران، وكلّ واحد منهما يستفيد من الآخر.

حدثنا عن اختيار عنوان الرواية.

«حطب سراييفو» هو عنوان المسرحية التي سوف تكتبها الرّاوية، وهو العنوان ذاته الذي سوف يستعين به الرّاوي في تدوين حكايته. سراييفو والجزائر العاصمة مدينتان تطوّقهما أحراش، والحطب جزء من يوميّات النّاس. تذكر الرّاوية كيف أن القرن المنصرم بدأ في سراييفو وانتهى فيها. انطلقت منها حرب عالمية أولى وانتهى القرن بحرب التّسعينات، ويمكن للجزائر العاصمة أن تجد فيها انعكاساً ما لصورتها.

برغم أهمية الهوية في الرواية، يبدو وكأن الحروب والصراعات تتشابه والبلاد أيضاً تتشابه. فكيف توفق بين الأمرين؟

وُلدت فكرة هذه الرّواية من «دهشة» التّشابه. لم أكن مشغولاً بالكتابة عن حربين، بل عن النّاجين من المأساة، عن البشر وسعيهم للخلاص. أردت أن أخوض معهم تجربة الشّفاء من الحرب، والتّحرّر من تشوّهاتها وبقاياها. قد نميل في البداية إلى رأي مختصر بالقول إن البوسنة والهرسك والجزائر بلدان متباعدان جغرافياً، لكن شيئاً فشيئاً، سنجد أن الأولى مرآة الثّانية إلى حدّ كبير والعكس صحيح.

لماذا يعود أبطالك إلى أوطانهم رغم كل شيء؟ هل الهوية بالنسبة لك لا يمكن الفكاك منها وهل هي مرتبطة جغرافياً؟

الجزائري لا يُغادر بلده سوى ليعود إليه، والحال نفسه مع البوسني. الاثنان في ترحال دائم ولم يحسما علاقتهما مع التّاريخ ولا مع الهوية. يدوران في حلقات ويعيشان برفقة أسئلة معلّقة، والرّواية لا تنوب عن التّاريخ في الإجابة عنها، فهي عمل تخييلي، لكن بإمكانها أن تفتح الثّغرات، أن تلفت النّظر إلى ما سقط من كتب المؤرّخين، أن تصل إلى ما تغافل عنه غيرها.

السرد في الرواية يكسر النمط التقليدي للتسلسل الزمني. هل هذا تفضيل شخصي أم يعكس ضرورة أدبية؟

برأيي، كي نفهم ما وقع في الجزائر أو في البوسنة والهرسك نهاية القرن الماضي لا بدّ ألا نكتفي بزمن واحد، بل أن نعود إلى عقود خلت، إلى مآلات الحرب العالمية الثّانية وتأثيراتها على منطقة البلقان، ولا بدّ أيضاً أن نفهم ماذا حصل في حرب التّحرير في الجزائر وما تلاها مباشرة. هكذا يمكن أن نُناقش التّاريخ المعاصر للبلدين ونكتب عنه.

من هم الكُتاب الذين أثروا فيك كروائي؟

هذا سؤال لا أملك إجابة واحدة عنه. التأثيرات تتغيّر مع تغيّر سنّ الكاتب. أقرأ كثيرًا من أعمال عربية وأخرى غربية، الكثير من الرّوايات ومن كتب الفلسفة والتّاريخ والسّير والشّعر والأشرطة المصوّرة واليوميّات. والكثير من الأعمال تركت أثراً في نفسي، قد يطول المقام في حصرها كلّها.

ما هى الكتب التي تقرأها الآن؟ وهل تأثرت قراءتك بطول البقاء في المنزل المصاحب لأزمة الكورونا؟

بالنسبة لي، لم يتغيّر الشّيء الكثير في ظلّ الحجر الصّحي، بحكم أن العمل اليومي لا يزال مستمراً، مع فارق العمل من البيت بدل المكتب، ولكنه جوّ استثنائي يشوبه القلق والتأمّل، نشعر بوطأته وضغطه وثقله كلّ ساعة، وأجدني هذه الأيّام في مزاج للعودة إلى كتب فلسفة أجلّت قراءتها في أوقات سابقة.