حوار مع عبد المجيد سباطة المرشح في القائمة الطويلة

08/03/2021

متى بدأت كتابة رواية "الملف 42" ومن أين جاءك الإلهام لها؟
ولدت فكرة كتابة رواية "الملف 42" شهر أكتوبر من سنة 2017، عندما صادفت بضعة أسطر في مقال على شبكة الإنترنت، تتحدث عن كارثة الزيوت المسمومة التي عرفها المغرب سنوات قليلة بعد استقلاله، وكنت أجهل عنها صراحة كل شيء، فصدمني هول ما قرأت، وبسؤال الوالدين اللذين عايشا تلك الفترة، أكدا لي كل معلومة طالعتها، بل وأضافا تفاصيل أخرى، فعقدت العزم على كتابة رواية تنفض الغبار عن الموضوع المنسي، وتعرف أبناء جيلي بتفاصيله، وتعيد الاعتبار -ولو رمزيا- للضحايا المظلومين.

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟
بطبيعة الحال، لا يمكن لبضعة أسطر قرأتها في موقع الإنترنت أن تكون كافية للبدء في الاشتغال على مشروع الرواية، ولأن تكويني الأكاديمي علمي بالأساس (رغم الهوى الأدبي الأول)، فقد عودت نفسي على الاشتغال وفق منهج صارم، أبدأ من خلاله مرحلة جمع وتوثيق كل ما له علاقة بالموضوع الذي أنوي التطرق إليه في الرواية، ووضع تصور أولي للحبكة، دون كتابة حرف واحد في المسودة، وهنا كانت المسألة في غاية الصعوبة، نظرا لمرور سنوات طويلة على وقوع الكارثة، ووجود ما يشبه الرغبة الدفينة في نسيانها، مع وفاة أو كبر سن معظم ضحاياها، لكنني واصلت البحث والاستعانة ببعض المراجع والشهادات، إلى غاية شهر مارس من سنة 2019، عندما شعرت بأن الخطوط العامة للعمل قد اكتملت في ذهني ومفكرة ملاحظاتي الصغيرة، وهكذا ابتعدت عن كل وسائل التواصل الاجتماعي، ودخلت ما يشبه العزلة لكتابة الرواية، استمرت تسعة أشهر كاملة (نعم، للرقم دلالته) إلى غاية شهر ديسمبر من السنة نفسها، متنقلا بين مكتب غرفتي الصغيرة في منزلي بمدينة سلا، وقاعة المطالعة بمكتبة المعهد الفرنسي بمدينة الرباط، إذا استثنينا بضعة أيام كنت "أهرب" خلالها إلى مدينة طنجة، التي يعلم كل من زارها أو أقام فيها من الكتاب (مغاربة وأجانب) بأنها تملك قدرة قوية على تحفيز الخيال الإبداعي، وبشكل غامض يصعب تفسيره.

كيف استقبلها القراء والنقاد؟
صدرت الرواية بالتزامن مع المعرض الدولي للنشر والكتاب بمدينة الدار البيضاء شهر فبراير من سنة 2020، وقد كان الإقبال عليها جيدا من لدن القراء، منهم من أثار موضوعها انتباهه لسماعه به لأول مرة، ومنهم من كان شاهدا على فصول المأساة فأراد قراءة الواقع بمنظار الخيال، كما وجد فيها عدد من النقاد محاولة لتقديم رواية مغربية وعربية جديدة، تتحرر من السرد الخطي المباشر شكلا وتطرق أبواب المسكوت عنه مضمونا. بطبيعة الحال، كان للجائحة تأثيرها السلبي الذي حرم الرواية من حقها في الانتشار بعدما ألغيت المعارض واللقاءات وحفلات التوقيع، بسبب ضيف ثقيل غير مرغوب فيه هو كورونا، ولكن أجمل ما في الأدب هو قدرته القوية على تحدي وتجاوز كل حدود المكانية والزمانية التي تكبلنا نحن.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟
تصدر قريبا ترجمتي لرواية "مناورة الملكة" (The Queen’s Gambit) للكاتب الأميركي والتر تيفيس، عن المركز الثقافي العربي، كما أعمل على ترجمات أدبية أخرى. أما بخصوص التأليف، فأفضل التركيز حاليا على المطالعة، باعتبارها الجدار الذي يستند إليه أي كاتب يرغب في صقل تجربته وتطويرها وتجنب فخ الإشباع والتكرار، وهذا سواء تعلق الأمر بالمجال الفكري، أو الأدبي، قصد التعرف على المزيد من التجارب الإبداعية المغربية والعربية العالمية، الكلاسيكية منها والمعاصرة.