حوار مع عمارة لخوص المرشح في القائمة الطويلة

09/03/2021

متى بدأت كتابة رواية "طير الليل" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

شرعت في كتابتها عام 2013 عندما غادرت إيطاليا بعد إقامة طويلة، حيث نهلت بشغف من ثقافتها وأبدعت في لغتها. وقد أحسست أنني جاهز للكتابة عن الجزائر باللغة العربية برؤية عميقة ونفس جديد. كما اقتنعت بعد تفكير طويل أن رواية الجريمة أو السوداء Noir أنسب أنواع السرديات لمقاربة الوضع الجزائري المعقد والتعيس، فالفساد وسوء التسيير وقفا سدا منيعا في وجه كل محاولات التغيير والتقدم. هناك إحساس منتشر لدى الجزائري مفاده أن السلطة الحاكمة منذ عام 1962 (أي الاستقلال عن فرنسا) هي استمرار للاستعمار.

كل رواياتي هي إجابات لهواجس وأسئلة تؤرقني و"طير الليل" لم تشذ عن هذه القاعدة، إذ حاولت الإجابة على هذا سؤال: لماذا فشل الجزائريون في بناء دولة راشدة عادلة تليق بعظمة ثورة أول نوفمبر 1954 وتتناسب مع ثروات البلد الطبيعية والبشرية؟ رغم أن الرواية لا تحمل بشائر التفاؤل وحسن الخاتمة، إلا أن ثمة شخصيات قوية تأبى الاستسلام وتقاوم الطغيان وتنتصر لقضايا إنسانية مثل الحرية والعدل.

 

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

نعم، أخذت منى الكثير من الوقت والجهد. تغطي الرواية ستين عاما من تاريخ الجزائر (1958 - 2018)، مما دفعني إلى قراءة العديد من المصادر التي تتناول البحث والتفكير في هذه الحقبة. ولم أتوصل إلى الشكل الذي يرضيني إلا بعد محاولات جربت خلالها أساليب سردية متنوعة، كما تجنبت البنية الكرونولوجية معتمدا على تقنيات المونتاج السينمائي من تقديم الأحداث وتأخيرها حتى أزيد الرواية تشويقا.

ولأنني مقتنع أشد الاقتناع بأن المكان لا ينبغي أن يكون ديكورا فقط وإنما شخصية أساسية في الرواية، فقد عشت في وهران أكثر من سنة واقتربت من أهلها وأحيائها. لقد عشقت هذه المدينة لأنها أنموذج للانفتاح ولقاء الثقافات المختلفة الأمازيغية والعربية والإسبانية والتركية والفرنسية.

أذكر جيدا اليوم الذي أكملت فيه الرواية: كنت في وهران في أواخر سبتمبر ٢٠١٩، وقد اتفقت مع صديقي الناشر خالد الناصري على الاستيقاظ على الرابعة فجرا لمراجعة المسودة الأخيرة قبل إرسالها إلى المطبعة.

 

كيف استقبلها القراء والنقّاد؟

ردود فعل القراء والنقاد مشجعة جدا. وقد أسعدتني التعاليق التي أشارت إلى تأثري بالأدب الإيطالي، خصوصا الأدب الصقلي ممثلا في الكاتب الكبير ليورناردو شاشه Leonardo Sciascia (١٩٢٣ - ١٩٨٩). فما أشبه صقلية بالعالم العربي إيجابيا وسلبيا! كان طموحي ولا يزال أن أستثمر تجربتي الإبداعية الإيطالية أحسن استثمار، وذلك بضخ دماء جديدة في الأدب العربي.

 

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرّواية؟

من عادتي الاشتغال على مشاريع عديدة في نفس الوقت، بعضها بالعربية وبعضها بالإيطالية. أهم مشروع أعمل عليه حاليا هو تحويل شخصية العقيد كريم سلطاني (بطل طير الليل) إلى شخصية متسلسلة. وقد أشرفت على نهاية القصة الجديدة حيث يتوصل عقيدنا إلى فك لغز اغتيال صديقه وزميله قبل عشرين عاما، خلال سنوات الإرهاب في التسعينيات.