حوار مع رشدي رضوان المرشح في القائمة الطويلة

25/02/2022

متى بدأت كتابة رواية "الهنغاري" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

ظهرت الملامح الأولى لوجه الهنغاري، قبل عشر سنوات عندما كنت أشتغل على دراسة فترة الحرب العالمية الثانية في إطار بحث وثائقي، وظهر لي طيف شخصية مسعود، حينها، مرتبطا بجدل متكرر حول إقحام "الأنديجان" الجزائريين في حرب الخلفاء ضد الامتداد النازي. لقد أردت منذ البداية أن أكتب عن وجع محليّ لم تبرد جذوته إلى اليوم، لكن النص انفتح مع مرور الوقت على عوالم أكبر، وصلت إلى كابوشفار بالمجر وانتهت في نورمندي الفرنسية، لأكتشف مع توارد الحكاية، بأن هوان الحرب المفروضة على الإنسان، لم تفرق بين الألسن والهويات ولا الديانات.. فعندما يحضر الرصاص يغيب العقل وعندما يغيب العقل يفقد الإنسان جدواه في الحياة.. 

لقد كانت سنوات العشرية الثانية من القرن الجديد، مربكة ومتلاطمة، وبسبب انشغالات العمل الصحفي وأولويات الكتابة، تعطّل مشروع الرواية حتى بدايات سنوات الحجر الصحي، بسبب فيروس الكوفيد، وهي الفترة التي فرضت على مزاجي إقامة كتابة جبرية، وأعادت روح الهنغاري إلى أوراقي من جديد، واكتشفت مع تدوينها السلس، بأن الحكاية كانت متخمرة في أصابعي ولم تنتظر سوى بداية النقر على مفاتيح اللابتوب.

يمكن القول إذن، إن فيروس كورونا أعاد الحياة للهنغاري.

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

كما قلت سابقا، كتبت الرواية في فترات متقطعة، بدأت قبل سنوات، وتسارعت وتيرتها في زمن الحجز الصحي، خصوصا منتصف سنة 2020. وقتها تصالحت مع البيجامة وتصالحت مع القهوة المنزلية، مثلما تصالحت أيضا مع مكتبتي بالبيت. وأنا أدخل نص الهنغاري من جديد، استطعت أن أخرج من عبء الحجز المفروض بلذة الكتابة، واقتنعت أخيرا بأن الكتابة السردية هي مسألة احتراف وتفرّغ والتزام تام. وليست مسألة ترف أو ملء لفراغات الحياة.

كيف استقبلها القراء والنقّاد؟

عندما خرج النص عن سطوتي وتحول إلى كتاب حيّ، ارتبكت قليلا وتساءلت، هل أعطيت للهنغاري حقّه؟ هل منحته السيرة التي يستحقها صبره عليّ كلّ هذا الوقت؟ لا أدري، كل ما أشعر به اليوم أنني ممتن له لأنه أعاد ترتيب أولوياتي في الحياة. وعندما أتلقى اتصالات أو رسائل من قراء الرواية، أشعر بالامتنان أكثر على قدرته في إقناعهم بأنني لم أقصر في حقه. واليوم أنا مرتاح أكثر لأن هذه السيرة الإنسانية المعقدة لشخوص الهنغاري، ستصل إلى أكبر عدد من الأصدقاء القراء بفضل سمعة الجائزة.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

لقد أقنعني الهنغاري بضرورة تصفية حسابات الماضي، قبل الخوض في حسابات جديدة، لذلك سأعود إلى ترتيب بعض المسودات التي كنت مجحفا في تركها معلقة.. ويمكن القول إن مشروعي الأدبي القادم هو تصفية مشاريعي غير الأدبية، من أجل التفرغ التام، واختيار النص الأقدر على تمكين النشوة في أصابعي والوفاء لسيرة الهنغاري..