حوار مع ريم الكمالي المرشحة في القائمة الطويلة

16/03/2022

متى بدأت كتابة رواية "يوميات روز" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأتها عام 2019م، وكان بعد سؤال، من الذي كتب من النساء في الإمارات قبل قيام دولة الاتحاد، وأعني تحديداً القصة والرواية الإبداعية، وفي فترة الستينيات تحديداً، وكنت أكرر السؤال على سيدات الإمارات المتعلمات من الجيل القديم، أي من تعلمن في مدارس نظامية منذ خمسينيات القرن العشرين، وتخرجن في الستينيات قبل قيام دولة الاتحاد، فلماذا لم تكتبن إبداعاً في تلك الفترة على الرغم من الانفتاح والمدارس والبعثات ووجود المناصب والوظائف الكبرى لهن.

لا ننكر أن المرأة الشاعرة كانت حاضرة، وهناك أسماء عديدة في إمارات (الستينيات) شاعرات أنشدن قصائدهن في المدح والغزل والعتب والحب وفي وصف الجمال، لكنها قصائد شفهية لم تدون إلا في الثمانينيات. أما الفكرة التي سردتها في الرواية هي عن كتابة الإبداع القصصي في الستينيات وليس الشعر. أعني أين القصة الأدبية المكتوبة في تلك الفترة تحديداً، على الرغم من وجود المدارس وحضور البعثات الجامعية وتشجيع التعليم وحرية اختيار التخصصات... لذا كان التخيل من خلال الفتاة روزة التي لم تذهب إلى البعثة، وانشغلت بدفاترها.

فكان الإلهام من خلال روزة البطلة المقترحة في رواية "يوميات روز"، متخيلة بأنها عاشت ودرست في المدراس قبل الاتحاد، ولأنها لم تذهب إلى البعثات الدراسية مع زميلاتها بسبب ظروف عائلية، فكانت حجة فنية بأن تبقى في البيت وتكتب في دفاترها السرية كل ما تراه حولها لتحوله إلى قصة ومسرح وبوح ورسائل وخطب... ثم تتخلص من دفاترها رمياً في مياه الخور كي لا يراها أحد، أما الأهم فما الذي كتبته في دفاترها؟ وهي التي كانت تحمل وعياً كبيراً كشابة لتكتب السياسة والاقتصاد والتاريخ والاستعمار والشجن وقصص حية حولها عن تلك الفترة. هذا الخيال أسعفني أن أعبر عن المرأة الكاتبة قبل زمني بنصف قرن، والمرأة المتعلمة التي كانت تواجه ثقافتين على ساحلها، الثقافة الإنجليزية بتحكمهم العسكري، والثقافة القومية العربية المنتشرة حينها لغةً وحضوراً.  

هل استغرقت كتابة الرواية مدة طوية؟ وأين كنتِ تقيمين عند إكمالها؟

استغرقت عامين، في العام الأول أنهيت البحث التاريخي والاجتماعي والشفهي مع كتابتها خلال عام، ثم اجتاح العالم كوفيد 19، وكنت في منزلي مع الطفلين، وكانت فرصة كبيرة كي أعمل على تنقيحها وتصويبها وتجميلها لغوياً فاستغرقت عاماً آخر. 

كيف استقبلها القراء والنقاد؟

منهم من أعجب بلغة الرواية وتوظيف مصطلحات التراث والطبيعة، ومنهم من أعجب بالطرح النسوي، ومنهم من استنكر تعبيري عن حرية المرأة في ذلك الوقت، ومنهم من أكد على حريتها وابتعاثها إلى الجامعات الأخرى للدراسة وقرارها في اختيار تخصصها في الستينيات، بينما عنيت في سردي بالتحديد المرأة الكاتبة التي تحمل القلم لتكتب فكراً أو إبداعاً، خاصة المتعلمات الأوائل والمتخرجات من مدارس الخمسينيات والستينيات كما ذكرت آنفاً. 

أما النقاد فأكدوا أن واقع روزة ليس بيتها وشجونها وخيالاتها وأوهامها المستمرة، بل أن ما تكتبه في دفاترها قادم من مدينتها دبي التي تتبلور في نشأتها الأولى بمنتصف القرن العشرين، من خلال سردها الثقافة الفنية المعمارية بنقوشها أمام التقدم الإسمنتي، بالإضافة إلى العادات والتقاليد، وصعود القومية العروبية، والحداثة المختلطة بأفكار شعبية راسخة، وعن علوم البحر الأولى مع الاستعمار، وعن طبيب اللآلئ، وعن الصناعات والمنتوجات بين الوطنية والأجنبية... وعالم الشخصيات بدواخلها المتمردة والمستسلمة، وما كان في دبي التي لا يعرفها معظم الغرباء، كمدينة تعني بالصوفية والملذات معاً، وعن تناقضات وأطماع لشخصيات لها همومها العاطفية والفكرية والمجتمعية... كل ذلك كانت في يومياتها ودفاترها وأوراقها التي كانت حجة فنية للسرد. 

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

مشروعي القادم فيه قضايا متصلة ببعضها عن المخطوطات البحرية الخليجية أين ذهبت يا ترى بكمياتها الوافرة؟ منذ القرن الخامس عشر مع أهم ملاح وجغرافي في العالم القديم وهو أحمد ابن ماجد، المولود في منطقة "الغب" بمدينة جلفار وهي اليوم رأس الخيمة، وعن مخطوطاته وعلومه الضائعة، أين ممكن تتبعها؟ والزمن الثاني في القرن الثامن عشر من خلال شركة الهند الشرقية وتداعيات الاقتصاد والمصالح وكيف كانت تحمل المخطوطات إلى إنجلترا بجانب الآثار من جنوب العراق من خلال الخليج العربي، وعن زمن اليوم والمثقفين الأثرياء الذين يجمعون المخطوطات القديمة كهواية وشغف.