حوار مع محمد النعّاس المرشح في القائمة الطويلة

17/03/2022

متى بدأت كتابة رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

جاء الإلهام في شتاء ٢٠١٨، من مَثَلٍ شعبيٍّ ليبيٍّ سَمِعْتُه مرارًا يقول "عائلة وخالها ميلاد"، تخيّلت في لحظةٍ تجلّي قصّة ذلك الخال وعائلته، بدأت كتابتها حالًا واستمررتُ في كتابتها شهرًا ثمّ توقّفتُ، إذ شعرت بالفشل في فك اللغز الذي يحيط بالشخصية وقصّتها، ثمّ عاودتُ التجربة مرّةً أخرى في أواخر ديسمبر ٢٠١٩ بأسلوبٍ مختلف، ولكنّي لم أتخطّ الصفحتين حتّى توقّفت مُجدَّدًا، كنتُ أدري أنّ هناك شيئًا ناقصًا في الرواية، كانت لديّ المعرفة التاريخية، غير أنّي لم أكن أملك المكوّن المعرفيّ الثاني المتعلّق بصناعة "الخبز". وفي ٢٠٢٠ شهد العالم جائحةً عالميّةً تزامنت مع توقّفي عن العمل وعزمي على ألّا أعمل خارج الأدب والكتابة، فبدأتُ أتعلّم تقنيات صناعة الخبز ودراسة الجوانب النظريّة لذلك، كنت أضحّي يوميًّا بما يقارب كيلوغرامًا من الدقيق وساعاتٍ من التجربة والانتظار والكتابة، وأنا أدوّن ملاحظاتي، وعندما تطوّرتْ مهاراتي في صناعة الخبز، صرتُ مطمئنًا لكتابة الرواية. ولم يدم الأمر طويلًا هذه المرّة فقد بدأتُ كتابةَ أوّل سطر في أفريل ٢٠٢٠. كانت القصّة تتشكّل أمامي من دون جهدٍ كبير، وكنتُ أغيب فيها وفي عوالمها كامل اليوم من دون أيّ شعور بما يحدث في العالم الخارجيّ.

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

استغرقتني مرحلة الكتابة الفعلية أشهرًا ستة، دخلتُ بعدها في مراحل طويلة من إعادة الكتابة والتحرير، كنتُ أعمل عليها يوميًا لأكثر من اثنتيْ عشرة ساعة، وأنا أقيم في شقّتي بتاجوراء، الضاحية الشرقية لمدينة طرابلس، تحت انقطاع الكهرباء المتكرّر ساعات وساعات، وتحت أصوات المدافع والقصف وأخبار الموت من المرض والحرب، وهكذا كانت الرواية عالمي وملاذي، كما كانت حصني من الدخول إلى مرحلة الجنون.

كيف استقبلها القراء والنقّاد؟

بصراحة، الرواية لم تصل إلى الجمهور بشكلٍ واسع، لكنّ وصولها إلى القائمة الطويلة، أسهم في صدور ثلاث طبعات لها في ظرفٍ وجيز (طبعة جزائريّة بالاشتراك مع دار ضمّة، وطبعة مصريّة، وطبعة ثالثة في الإمارات)، لذلك أنا متفائل بأنّها ستجد صدًى طيّبًا لدى القرّاء بعد أن أشاد بها بعض النقّاد على أعمدة الصحف العربيّة ومواقع التواصل.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

أنا إنسان محاصر بتدفّق الأفكار وضيق الوقت، أعملُ الآن على رواية تدور أحداثها في قرية "الخال ميلاد"، وترتبط بشخصيّة "لطفي" المخرج الذي عاد من المهجر إلى الوطن. هي رواية تشمل مواضيع أضخم وأكثر دسامة من "خبز على طاولة الخال ميلاد"، وتناقش قضيّة الهُويّة الليبيّة ، أمّا أحداثها فتدور في أزمنة مختلفة من المملكة الليبية المتحدة إلى أواخر سنوات الجماهيرية العربية الليبيّة، وهكذا تحاول أن تستغرق ستّين عامًا من الجُرح الليبي العميق، أكتبُ الرواية بدعم من مؤسسة آريتي الليبية، وحالما أنتهي منها ، لديّ مشاريع أخرى، أرجو من الله أن لا يأخذ أمانته قبلها.