حوار مع بشرى خلفان المرشحة في القائمة القصيرة

17/05/2022

أين كنت وقت إعلان القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان رد فعلك؟

كنت أتمتع بإجازتي ورفقة الصديقات في الولايات المتحدة الأمريكية، استيقظت مبكرا لسماع النتيجة، وفور  الإعلان عن دلشاد ابتسمت برضى، بعد ذلك أرسلت التهاني للزملاء الذين وردت أسمائهم معي في القائمة القصيرة، ثم عدت إلى النوم.

كان بإمكانك تسمية الرواية "مريم دلشاد" بدلاً من "دلشاد"، حيث أن شخصية مريم دلشاد حاضرة بقوة وتنتهي الرواية بها وهي مقيمة في مطرح؟ 

دلشاد شخص في الرواية لكنه سلالة في العنوان، وصفاته تتوارث عبر جيل من النساء الذكيات الصبورات واللاتي يتعاملن مع الحياة وأوجاعها بضحكة شاهقة.

يكبر دلشاد في الحي البلوسي الفقير في مسقط. هل كان عليك البحث في الثقافة البلوشية ولغتها استعداداً لكتابة الرواية؟ 

نعم أجريت الكثير من البحث في الثقافة البلوشية ولغتها قبل وأثناء الكتابة، وقد انقسم إلى قسمين بحث مكتبي وبحث ميداني، نزلت فيه إلى الميدان والتقيت فيه بالكثير من النساء البلوشيات وتحديدا النساء الكبيرات في السن واللاتي ما زلن يحتفظن بالكثير من المرويات الفلكلورية البلوشية.

نلاحظ أن عدداً من الشخصيات، رجالاً ونساءً، يتامى، يتوقون إلى حنان الأم. هل كان موضوع الأمومة يهمك أثناء كتابة الرواية؟ 

موضوع الأمومة يهمني دائما، والأمومة ليست فقط في دورها أو صورتها البايولوجية بل في إحالاتها التجذيرية وإسقاطاتها على العلاقة بالوطن وبالثقافة الأصلية المكونة للشعوب.

ما هي رمزية الضحكة في الرواية، هذه الضحكة التي ورثتها مريم عن أبيها دلشاد وورثتها فريدة عن أمها مريم؟

الضحكة هنا هي ارتداد لأقصى الألم والحيرة، هي أداة للتعامل مع البؤس بأشكاله، هي وسيلة لمواجهة الموت والفقد والحزن والبؤس والخواء.

احكينا عن الحكايات الشعبية وأهميتها في رواية "دلشاد". 

بالنسبة لي الحكاية الشعبية هي واحدة من طرق مقاربة الثقافة المكونة لأي مجتمع ومرجعياته ، فالحكاية الشعبية تعكس رؤية المجتمع لنفسه وقيمته الذاتية وأهم خصائصه المكونة، الحقيقية منها والمتخيلة، بوجهيها القبيح والحسن، كما أنه وعبر هذه الحكايات نستطيع مقاربة وفهم الظروف المكونة لهذا المجتمع سواء الظروف المادية أو النفسية، لذا فإني استخدمت الحكاية الشعبية في دلشاد حتى أقول ما أريد قوله عن الثقافات دون السقوط في فخ السرد التقريري، بل وفي استظهار لغنى هذه الثقافات المتعددة وانعكاساتها.

تتعلم فريدة الكتابة والقراءة بعد هربها وأمها من بيت لوماه في مسقط وإقامتهما في مطرح، وتصبح مريم تاجرة ناجحة. هل نرى في ذلك انتصاراً للمرأة وطموحاتها، وهل يعكس ذلك تطورات المجتمع العُماني آنذاك؟ 

هذا يعكس تطور نظرة الشخصيات لأنفسها عبر حركة الزمن، وهو انتصار للمرأة بلا شك، لكنه أيضا دلالة على تغير الوضع الاجتماعي وحتى أهمية دور المكان والثقافة في كل مدينة من المدن العمانية.

تتحدث الرواية عن الجوع وتأثيراته النفسية على الشخوص، علاوة عن تأثيراته الجسدية. هل هي جروح لا تندمل؟

تقول مريم دلشاد في مكان ما  في الرواية أن الجوع مثل المرض يبقى في الدم، ربما تختفي أعراض الجوع لكنه يبقى بمدلولاته النفسية كامن وعميق، وداخل سرداب الجوع ذاك تتكون الكثير من الخصائص المجتمعية الناتجة عن الندرة والصراع على البقاء وما تفرزه من طبقات، بل والكثير من الأمراض التي تحتاج لعقود طويلة من الشبع حتى تشفى.

تحكي الرواية عن قسوة فردوس تجاه مريم وفريدة: "ترى هل هذا ما يحدثه الغنى والشبع في النفوس؟ أن يتحول خيط الدم إلى صرة مال، ويصير الحليب مجرد قروش تعد؟" (ص. 324)، ولا نرى تلك القسوة في الأحياء الفقيرة، سواء في مسقط أم مطرح. هل قصدت ذلك؟

القسوة موجودة في النفس البشرية وفي كل المجتمعات وإن تباينت أشكالها وأسبابها، قسوة فردوس كان ظاهرها المال لكن باطنها الفقر العاطفي، وقسوة حارات مسقط كان ظاهرها الجوع وباطنها انعدام الشعور بالأمان، تقرأ القسوة  من خلال مناظير متعددة، ولا يمكن حصرها في ثقافة أو بيئة أو طبقة واحدة، ولكن مريم تنظر بمنظورها الشخصي ومن خلال تجربتها في بيت لوماه مع فردوس تحديدا.

ما رمزية البحر في الرواية؟

للبحر دلالات متعددة ومتناقضة ربما، فالبحر هو الغياب وهو الفرصة الجديدة والمغامرة والتحدي الكامن فيها، هو الانبعاث من جديد عبر تحولات الزمان والمكان.

هل سنقرأ المزيد عن حياة فريدة في الرواية القادمة (الجزء الثاني من دلشاد)؟

لست متأكدة إلى أين ستأخذنا فريدة، لكنني أزعم أني أعرفها جيدا وأعرف أنها بنت مريم دلشاد، ومن عرف مريم ربما عليه تخيل ما ستكونه فريدة في الجزء الثاني من دلشاد.