حوار مع مي التلمساني المرشحة للقائمة الطويلة

03/02/2023

متى بدأت كتابة رواية "الكل يقول أحبّك" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأت كتابة الرواية في سبتمبر من عام 2019، بضعة أشهر قبل جائحة الكوفيد، وأتممت كتابتها في نهاية عام 2020 لتصدر في يوليو 2021. منذ هجرتي إلى كندا قبل نحو خمسة وعشرين عاما، تخايلني فكرة الكتابة عن عالم المهاجرين في شمال أمريكا، حتى نشأت فكرة لقاء اثنين من المهاجرين المصريين في قطار، أحدهما يكبر الآخر بنحو عشرين عاما، ويبدو أن كليهما مرآة للآخر من حيث الملامح النفسية، وسياق العمل الجامعي، ونمط الحياة الأسرية. من هنا نشأت فكرة الكتابة عن المشترك بين المهاجرين العرب في شمال أمريكا وعن نماذج مختلفة من أقطار عربية متنوعة تعاني بشكل أو بآخر من جدلية الحب عن بعد، في العلاقة الزوجية وكذا في العلاقة بالأوطان الأم حيث نحيا اليوم في عالم تحكمه الحركة والترحل سعيا لتحسين طرق العيش، وتتحكم فيه سياسات الداخل وقوانين الهجرة للخارج.

 

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

استغرقت الكتابة نحو عام ونصف، تخللها كتابات أخرى أكاديمية نظرا لعملي كأستاذ للدراسات العربية والسينما بجامعة أوتاوا بكندا. تقاطعت الكتابة الروائية مع انشغالاتي الأكاديمية الأخرى حيث أهتم في أبحاثي بدلالات وسياقات المهجر، والثقافات الهجينة والثقافات العابرة للقوميات transnational وتزامنت أيضا مع اهتمامي بالتأريخ لهجرة العرب الكنديين منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى اليوم. أثناء الكتابة أقمت في مصر معظم أشهر السنة، حيث أتاحت لي الجائحة فرصة التدريس أونلاين، ولم أعد إلى كندا إلا بضعة أشهر. أتممت الكتابة في كندا، وطني البديل، وأتممت المراجعات النهائية في القاهرة، حيث أقيم معظم أشهر الشتاء. بين هنا وهناك، تحركت شخوص الرواية ونمت وتطورت، وكأن قدري ككاتبة هو انعكاس لقدر أبطال الرواية.

 

هل لديك طقوس للكتابة؟

أكتب فقط حين تلح على ذهني فكرة للكتابة، ففي روايتي الأولى "دنيا زاد" التي حظيت باستقبال كبير محليا وإقليميا ودوليا، كانت الأفكار الملحة تتعلق بمشاعر الأمومة والفقد، أما في "هليوبوليس" فقد حاولت استعادة زمن السبعينيات من القرن العشرين في مصر وأثره على حياة أسرة مصرية متوسطة تقطن الحي الكوزموبوليتاني الذي ولدت ونشأت فيه، حي مصر الجديدة. بعد عدة سنوات، كتبت عن الصداقة بين امرأتين وعن احباطات الحب والفن في رواية "أكابيللا"، ثم شرعت في كتابة رواية "الكل يقول أحبك" حين شعرت بإلحاح الكتابة عن الغربة والاغتراب، عن الثورات العربية وأثرها على المهاجرين، عن كفاح النساء والرجال في شمال أمريكا في مجالات العمل وأثر هذا على تكوين أسرة، عن الخيط الرفيع الذي يربطهم بأوطانهم الأم حتى وإن اختار البعض عدم العودة لموطن ميلاده. في نهاية الأمر، طقس الكتابة الرئيسي بالنسبة لي هو طقس مقدس، لكنه لا يخضع لشروط ومحددات الزمان والمكان، أكتب حيثما نضجت الفكرة، وحينما تلح لعدة أسابيع على ذهني. أكتب ليلا، وأنتهي من جلسة العمل قبيل الفجر، وقد تستمر الجلسة نحو خمس عشرة ساعة متصلة، كما حدث حين كتبت الفصل الأول من رواية "الكل يقول أحبك".

  

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

لدي روايتان في طريقهما للنشر، يصنعان مع رواية "الكل يقول أحبك" ما يشبه الثلاثية. لن تتكرر الشخصيات، لكن بلدان كندا الشهيرة مثل مونتريال وتورونتو وفانكوفر ستكون حاضرة بقوة في الروايتين القادمتين، وكذا حياة المهاجرين العرب واختلاطهم بشخصيات كندية من أصول أخرى. في النهاية أسعى في هذه الثلاثية الحداثية لأن أقول إن الإنسان العربي المعاصر بلغته وثقافته وطموحاته الفنية والأدبية لا ينفصل بحال من الأحوال عن العالم، هو أو هي جزء لا يتجزأ من هذا العالم، حيث تذوب الحدود وتنفتح الرؤى على أشواق وطموحات إنسانية كبرى، قد يكون لها نكهة ثقافية خاصة، لكنها ليست بعزلة عما يحدث عالميا، بل هي فاعلة في هذا العالم وقادرة على ترك بصمة واضحة وملهمة في محيط الثقافة الإنسانية على اتساعه.