حوار مع سوسن جميل الحسن المرشحة للقائمة الطويلة

20/02/2023

متى بدأت كتابة رواية "اسمي زيزفون" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأت في كتابة الرواية مع بداية العام 2020، بعد أن تم ترشيحي لمنحة إقامة أدبية من وزارة الثقافة في برلين، منحة تُقدّم لعشرة كتّاب من المقيمين في برلين ويكتبون بلغة أخرى غير الألمانية، كانت حينها أزمة كورونا تنفجر وتتفاقم في وجه العالم، وتضعه كلّه أمام تحديات كبيرة وأسئلة وجودية أكبر، على الصعيد الفردي والجمعي.

وأنا المقيمة في برلين، من دون أن تغادرني مشكلة بلادي وأزمتها المتفاقمة باستمرار، وتعقّدها حدّ استعصائها على الحلّ، كانت الأسئلة مع كل يوم زيادة تشتعل في صدري وتنهك تفكيري، أسئلة تنبثق من لجّة واقعنا وحمأته الحارقة، فتهجم الذاكرة عليّ بكل ما عشت وخبرت وشاهدت وقرأت، خاصّة ما مدّتني به مهنتي "طبيبة" في مجتمع ينزلق نحو القاع المظلم للحياة، في بيئة من الفساد والقمع من قبل سلاطين متحالفة تتحكم في مصيره، ظلم اجتماعي، ديني، سياسي، اقتصادي، قانوني، أعراف وتقاليد وثقافة موروثة، وغيرها، وأكثر شريحة كانت تتلقى النصيب الأكبر من الظلم وانتهاك الحقوق هي المرأة، فهي واقعة تحت سطوة الثقافية الذكورية والسلطة الأبوية، بل حتى تحت سلطة قوانين جائرة، هذا ما كنت ألمسه بشكل فج، من خلال مريضاتي، من خلال معارفي، حتى لدى الشريحة المتعلّمة من النساء، ومنهن الطبيبات، فالمرأة في بيئاتنا لا تستطيع التعبير عن نفسها بوضوح، تخاف من طرح أفكارها للعلن، تضطر للمواربة في أحيان كثيرة، أو للقبول والاستسلام، شأنها شأن كل المهمّشين، الذين هم الضروريّون في الحياة، إنّما من دون اعتراف بحقّهم العادل في العيش أسوة بالبقية. طبعًا لا يخلو الأمر من وجود بيئات أكثر تحرّرًا وانفتاحًا بالنسبة للمرأة، لكنها محدودة وتأثيرها ضعيف، فكان أن استحضرت التاريخ الذي عايشته ومَثُل في ذاكرتي، منذ منتصف ستينيات القرن الماضي إلى الوقت الذي أنهيتُ فيه الرواية، وقد أصبح العالم منغلقًا في وجه بعضه البعض حينها، في محاولة مني لتفكيك الواقع وفهمه، أمام الكارثة الكبرى التي حلّت في بلادي.

 

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

فكرة الرواية كانت قد قدحت في بالي في الشهور الأخيرة من العام 2019، وعندما أخبرتني الجهة المنظمة بترشيحي للمنحة، تابعت الكتابة، واستغرقت عام 2020 بكامله تقريبًا، وأنا مقيمة في برلين، لم أغادرها، لكن علاقتي ببلدي دائمة، فالتواصل صار متاحًا لحظة بلحظة في وقتنا الراهن، وكنتُ على اطلاع مستمر على ما يحصل هناك، وكيف تزداد حياة الناس بؤسًا وتتعقّد مشاكلهم وتوصد الأبواب في وجوههم.

 

هل لديك طقوس للكتابة؟

في الواقع كثير من الذين غادروا أوطانهم، عانوا قبل التقاط ظرف يمنحهم ترف أن يكون لديهم طقوس للكتابة، بالنسبة لي لم أستطع إلى الآن اختراع طقوسي الخاصة، فأنا لم أستقل في بيت يخصني إلّا منذ عامين تقريبًا، وقبلها كنت، كأي طالب يبحث عن أدوات صنع مستقبله في مجتمع غريب، وأولها امتلاك اللغة، كنت ملتزمة بمعهد لتعلم اللغة الألمانية، مع صعوبة هذا الأمر علي وقد تجاوزت عمر اكتساب لغة جديدة، هذا حرمني أيضًا إمكانية التمكن من اللغة المهنية، فلم أستطع ممارسة مهنة الطب في ألمانيا، اكتفيت بلغة تسهّل علي الحياة بتفاصيلها العادية، وصار البديل الحياتي والمعيشي بالنسبة إليّ كتابة المقالات في الصحف والدوريات والمواقع العربية، ممّا أثّر أيضًا في إمكانية تكوين طقوس خاصة بي، لذلك أكتب في كل الظروف والأوقات، عندما تستدعيني حالة الكتابة، وأمتلك الظرف المناسب للشروع بها.

 

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

مشروعي الأدبي هو الرواية، ومن أجلها استقلت من الطب، في بلدي سورية، باكرًا، كي أتفرغ له بعدما تأخرت فيه، لذلك فأنا ممتلئة بالأفكار ومشاريع الروايات، حاليًا لديّ نصّ منجز تقريبًا، بحاجة إلى إطلالة أخيرة، ولدي مشروع نص آخر، وضعت تصوّرًا عامًّا حوله، ربما أباشر في الكتابة قريبًا.