حوار مع إلياس خوري المرشح في القائمة القصيرة

13/04/2017

أين كنت وقت الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة؟ وماذا كان رد فعلك؟

كنت في مكتبي في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، عندما تلقيت اتصالا من الجزائر من مديرة دار "الآداب" السيدة رنا إدريس، أعلمتني فيه بنبأ اختيار "أولاد الغيتو- اسمي آدم"، في القائمة القصيرة. أحسست بالفرح لأن تجربة "غيتو اللد" بما تحمله من أبعاد إنسانية، تستحق أن تحتلّ مكانتها في الذاكرتين العربية والإنسانية.         

ماذا يعني لك ترشيح روايتك في القائمة القصيرة؟

الحقيقة أن الرواية بعد صدورها لا تعود ملكا لمؤلفها، بل تصير ملكا للعلاقة التي يبنيها القراء مع شخصيات الرواية.

ما هى الكتب التى تقرأها الآن؟ ومن هم الكتاب الذين أثروا فيك كروائي؟

اقرأ الآن رواية "العماء" لسراماغو، كما أنني أعيد قراءة ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" لمحمود درويش.

الكتاب الأكثر تأثيرا كان ولا يزال "الف ليلة وليلة"، وإلى جانبه يمكن أن أضع ديوان المتنبي وروايات دوستويفسكي وفلوبير وغسان كنفاني وإميل حبيبي.

متى بدأت كتابة رواية "أولاد الغيتو – اسمي آدم"؟

منذ خمسة عشرة سنة بدأت ملامح هذه الرواية في التشكل، لكن كان عليّ أن اأتظر، فالكتابة هي فن الانتظار. انتظرت أحد عشر عاما، كتبت خلالها روايتي "كأنها نائمة" و"سينالكول".

لماذا اخترت هذه المجزرة لتكتب عنها؟

أنا لم اختر مجزرة كي أكتب عنها، ذهبت إلى تجربة غيتو اللد وهناك رأيت كيف يولد الحي من الميت. لم أكتب عن المجزرة إلا كي أصل إلى الكتابة عن الناجين، فالحياة أقوى من الموت، والموت ليس إلا أحد استعارات الحياة.

يقول آدم دنون فى الرواية "قررت الكتابة بوصفي قارئاً، وهنا تكمن المتعة الكبرى." هل تتعامل مع الكتابة بنفس الطريقة؟

الكتابة بالنسبة لي هي سفر إلى أمكنة لا أعرفها، وفي هذه الأمكنة أتعلم قراءة الممحو. أنا أكتب كأنني أقرأ عالما علي اكتشاف تفاصيله، أتعرف إلى الشخصيات وأقيم معها علاقة طويلة، كي أستطيع سماع كلماتها وكتابتها.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

مشروعي هو أن أكمل هذه الرواية، فبطل الحكاية وراويها لم يرتوِ بعد، ويريد أن يروي المزيد من الحكايات.

 

اقرأ مقتطفا من رواية "أولاد الغيتو - اسمي آدم" هنا:

لا أريد أن أغرق الآن في أيّام الغيتو، فتلك حكاية يجب أن أكتبها من أوّلها إلى آخرها، ودفعة أولى، ومن دون استطرادات، لكنّني رويت عن مأمون حكاية أبي الأوّل، التي لا حكاية لها سوى ذلك الشعور الذي انتابني بأنّني الابن القتيل، وبأنّ أبي قاتلي.

قد يكون في هذا الكلام شيء من الظلم للرجل الذي لا أعرفه، فهو ضحيّة وأنا ضحيّة الضحيّة. هذا النوع من التبريرات لا أحبّه. فأن تكون ضحية لا يعطيك الحقّ في التضحية بالآخرين، بل يحمّلك مسؤوليّة مضاعفة عنهم، وهذا ما حاولت شرحه مرارا لأصدقائي اليهود الإسرائيليّين، ولكن من دون نجاح كبير. بلى، كي لا أكذب فوجئت بدالية حبيبتي وهي تتبنى هذه المقولة، بل هي مَن صاغها ببلاغة، حين قالت "إنّ الفلسطينيّين هم ضحيّة الضحيّة، ولا يحق للضحيّة اليهودية أن تتصرّف كجلّاديها، لذلك أنا لست يهوديّة فقط، بل أنا فلسطينيّة أيضا."

يومها، كنّا نتمشى على شاطئ يافا قرب مقبرة البحر التي دُفن فيها الأكاديميّ والكاتب الفلسطينيّ إبراهيم أبو لغد. رويت لها عن هذا الرجل الذي لا يزال صوته يرنّ في أذنيّ، وكيف أخذته ابنته ليلى بعد موته بسيّارة من رام الله إلى القدس كي يُعلَن موته في المدينة، وبذا يكتسب كأميركيّ غير يهوديّ الحق في أن يُدفن في إسرائيل، أي في المقبرة التي دُفن فيها آباؤه وأجداده. ارتسم الأسى على وجه دالية الأسمر المستطيل، وأعلنت أنها صارت فلسطينيّة.