حوار مع بدرية البدري المرشحة للقائمة الطويلة

25/01/2024

متى بدأت كتابة رواية "فومبي" ومن أين جاءك الإلهام لها؟

بدأت كتابة رواية فومبي في نهاية العام 7201، خلال (ورشة إبداع للكتاب الشباب الموهوبين) التي نظمتها الجائزة العالمية للرواية العربية بالتعاون مع النادي الثقافي العماني، ضمن مجموعة من الكُتّاب العمانيين والعرب، وقد استلهمت فكرتها الأساسية من قصة "بينغا" الكونغولي الذي قُتلت عائلته، وبيع، ونقل إلى أوروبا ليُعرض في حديقة الحيوان كتمثيل للحلقة المفقودة بين القرد والإنسان، حتى أنها حملت اسم "بينغا" في بدايتها، وقد تم اعتماد اسم "فومبي" في النهاية، بعد تطوير فكرتها إلى المرحلة التاريخية التي حصلت فيها هذه الحادثة.

لا يمكنني وصف كمية الألم الذي شعرت به، وأنا أرى إنسانا يعيش في قفصٍ للقرود، مُجرّدا من كل سماته الإنسانية، ومشاعره، وكأنه ليس إلا "لا شيء".

من هنا بدأت البحث في تاريخ الكونغو، والفترة التاريخية التي استُعبِدَ فيها "بينغا" وما رافق تلك المرحلة من ظلم، واستعباد، وقتل، ونهب للثروات، تحت مسميات زائفة كنشر المسيحية، والحضارة، وإلغاء العبودية، وفي الحقيقة لم تكن هذه إلا مبررات، لتحقيق مصالح الدول المستعمِرة؛ فارتدت الرواية الثوب التاريخي شكلا، وتجاوزته ضمنًا إلى الإنسانية، وحق الإنسان في العيش حرا كريما في كل زمان ومكان.

مثّلت فومبي اختصارا للحياة التي لا تكتمل إلا بتكامل شخوصها، وروح الإنسان بداخلها بما تحمله من خير وشر، من خلال شخصيات متعددة تناوبت على تصوير ما حدث معها، وتبرير ما تفعله، ليرى القارئ الحقيقة من وجهة نظر أصحابها دون أي تدخل من الكاتب، إلا بإزاحة الستار عن الزوايا التي قد لا يراها القارئ بعينه المجردة، ويقف بين الأسطر متأملا، ورابطا بين ما يقرأه وما يعيشه العالم اليوم، ورغم تعدد شخصيات الرواية، إلا أن كل شخصية جاءت مكلمة للصورة الأكبر للحياة، في أحداث امتزجت بين الواقع والخيال، تاركة كل النهايات مفتوحة، دون أن تنفرد أي شخصية ببطولة الرواية، أو بتمثيل الدور الرئيسي بها؛ لأن كل شخصية وردت في الرواية هي شخصية تم اختيارها بعناية، كشخصية "بينتا" التي وردت مرة واحدة فقط، ولكنها مثلت الضحية غير المباشرة للحدث الرئيسي في الرواية.

هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيمين عند إكمالها؟

استغرقت كتابة رواية فومبي ما يقارب الخمس سنوات تقريبا، لم تكن متصلة بالتأكيد، ولكن حتى فترات التوقف عن الكتابة كانت الأحداث ملء قلبي وعقلي، وقد بدأتها وأنهيتها وأنا في سلطنة عمان.

هل لديك طقوس للكتابة؟

عندما أكون في فترة الكتابة المتدفقة أكتب في أي مكان، أحمل حاسوبي معي أينما أذهب، وأحاول الانفصال عن المحيطين حولي بوضع سماعات الأذن وسماع الموسيقى، ولكن أفضل وقت لدي للكتابة هو بعد منتصف الليل حين ينام العالم، وتستيقظ الأرواح الساكنة روايتي لتمارس حقها في الحياة. في هذا الوقت أشعر أني لست إلا جزءا من هذا العالم الروائي.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

لقد أرهقتني رواية فومبي كثيرا؛ فعلمتني التريّث والصبر، لذلك أنا الآن في استراحة محارب. لدي العديد من الأفكار الروائية، وأظن أنني أميل لإحداها، ولكن لم أصل بعد لمرحلة البدء في كتابتها، وأنتظر أن يأتي وقتها بهدوء شديد، هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة.